نافذة حرة | جامعة وارث الأنبياء

المرجعية العليا تتساءل: كم من جاهل الان له سلطنة ومواقع ورأي؟، وهل يمكن الحصول من هذا الجاهل على رأي حسن؟!

استهل ممثل المرجعية الدينية العليا الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف بحديث الامام علي عليه السلام الذي جاء فيه (لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة).
وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (30 /11 /2018)، تجد الان في كل المجتمعات مشاكل الا انه عند استعراضها نجد ان اسبابها لم تكن حقيقية وانما بسيطة وتافهة لا تستوجب هذه النتيجة.
واضاف ان الانظمة الوضعية والسنن الالهية وضعت حدودا يتحمل من يتجاوزها جريرة ذلك التجاوز، لانه يقوم بفعل غير قانوني وغير شرعي، مبينا ان القانون لايسمح بالتجاوز على حقوق الاخرين.
واشار الى ان الله تعالى اودع في الانسان العقل وهو ميزان لضبط تصرفاته قبل الشارع المقدس والانظمة، لافتا الى ان الانسان بسريرته وبدون استثناء يعلم ان التصرف الذي يقوم به ينبغي ان يأتي به ام لا.
وبين ممثل المرجعية العليا ان المشكلة تكمن في الجو العام الذي يجعل الانسان يتماشى مع الامور ويتصرف وهو بداخله غير معتقد بتلك التصرفات، الا انه يأتي بها اما للمجاملة او الخوف او ان تربيته فاسدة، مبينا ان هذا الشخص لو يعزل ويترك لوحده ويرى تصرفاته فانه حتما سيعيب تلك التصرفات، ويقول ان هذه التصرفات لاينبغي ان تصدر مني لكنها صدرت ويرد ذلك وقد يكون رده شديدا.
واوضح ان الامام علي عليه السلام يؤكد من خلال حديثه ان غنى الانسان بالعقل، فمن يملك عقلا هو الغني ولا معنى للثراء الظاهري والانسان سفيه لاقيمة له، مبينا ان العقل هو من يوجه الانسان ليضع قدمه في الموقع الصحيح وكيف يتصرف، مشيرا الى ان من فوائد التعقل ان يرى الانسان نفسه ويرى الاشياء من حوله وتكون الناس من حول في راحة.
ولفت خطيب جمعة كربلاء الى ان العدو العاقل خيرا من الصديق الجاهل، لان الانسان يعرف كيف يتصرف مع العدو العاقل لكنه لايعرف كيف يتصرف مع الصديق الجاهل، موضحا ان التعقل فيه ضوابط بينما الجهل لاتوجد فيه ضوابط، وهذا مصداقا لقول الامام علي عليه السلام (لافقر كالجهل).
ويؤكد السيد الصافي ان الفقر ليس عيبا ولا يعد مشكلة وان هنالك من الانبياء والعلماء والصلحاء تاريخهم حافل بالفقر وكان البعض منهم يقرأ على ضوء القمر لانه لايملك مالا لشراء الزيت، منوها الى ان الايام التي خلت شوهد بعض الشباب من طلبة السادس الاعدادي كيف حصلوا على مراتب عليا وهم من عوائل فقيرة ومتعففة، مبينا ان الفقر ليس عيبا ولايمكن ان يكون عائقا، وانما العيب حينما يكون الانسان جاهلا وهو بذلك سيكون فقيرا بل لا افقر منه، مشيرا الى ان الفقر ينتهي بالتعلم وان الجاهل الذي يعتقد نفسه عالما لايمكن ان يتعلم لان عنده جهل مركب والذي يعد من اصعب انواع الجهل.
ويرى ان هذه المسالة سارية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، مبينا ان العاقل المتعقل من السهول التحاور معه الا ان الصعوبة تكمن في محاورة الجاهل الذي ستكون الغلبة له، والمشكلة والطامة الكبرى بالجاهل المركب الذي لايعلم انه جاهل ويبقى بجهلة الى ان يموت، فضلا عن ذلك بانه لن يكتفي بان يكون ضالا بل سيضل غيره، مشيرا الى ان أمم باكاملها وشخصيات انتهت لانها كانت جاهلة.
واستدرك ان من الصعوبة القضاء على الجهل، وان القضاء عليه لايتأتى الا بالعلم والتعلم واحساس الناس باهمية التعقل، لافتا الى ان الانسان الفقير حينما تسأله هل انت فقير فيجيبك بنعم، وكذلك حينما تقول للشخص المريض انت مريض يقول لك نعم انا مريض، ولكن حينما تقول للجاهل انت جاهل يرفض ويزعل وينتفض ويعتبر ذلك شتيمة.
ونبه السيد الصافي الى انه الان كم من جاهل له سلطنة ومواقع ورأي، متسائلا هل يمكن من هذا الجاهل ان نحصل على رأي حسن؟، مبينا ان الامام علي عليه السلام ينبهنا الى هذا الامر، لافتا الى انه بالنتيجة اذا كان جاهل ويتحدث الى جهلة تنطلي الشبهة لكن الجاهل لا يتكلم مع المتعلم.
واردف السيد الصافي ان الانسان يورّثّ الأدب كما في قول الامام علي عليه السلام (ولا ميراث كالأدب)، مبينا ان الأدب يعطي شخصية للانسان لانه سيكون متعلما ومؤدّبا، موضحا ان باب التأدب وباب التحضر وباب نوعية العلاقات تمثل ابواب واسعة ومن الجميل ان يتصف الانسان بانه متأدب، اما في قوله عليه السلام (ولا ظهير كالمشاورة) فان الظهير هو المساعد أو المعين أو السند او العضد.
واكد ان على الانسان ان يشاور ويستفسر ويطرح الرأي، فان البعض عنده ما ينفع والبعض الاخر عنده ما يصلح والبعض عنده ما يُبعد عن المشاكل، ومن شاور الناس شاركهم في عقولهم،لافتا الى انه كم حالة من الوقاية ستكون عند الانسان الذي يشاور غيره وقد عرف عن الكثير من الاجلاء والصُلحاء والحكماء بانهم لا يبتون بأمرٍ حتى يشاوروا من هو جدير بالمشاورة حتى يخرج الرأي برأي حسن.