ورشة نقاشية في كلية العلوم الإسلامية تبحث دور المواطن في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية في العراق

ورشة نقاشية في كلية العلوم الإسلامية تبحث دور المواطن في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية في العراق

في خطوة هامة نحو إيجاد حلاً للتحديات الاقتصادية التي تواجه العراق، أقامت كلية العلوم الإسلامية في جامعة وارث الأنبياء ورشة نقاشية تحت عنوان "دور المواطن في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية" يوم الأربعاء الموافق 6 ديسمبر 2023.

ألقى م.د. جعفر عبد الأمير الحسيني، محاضرة ملهمة حول التحديات الاقتصادية التي واجهت العراق بعد 2003. واستعرض الحسيني الآثار السلبية لقرارات الانفتاح التجاري والتحديات المالية والنقدية التي أدت إلى شلل في بعض القطاعات الاقتصادية.

وفي محاولة لاستخدام سلطة المستهلك لتحقيق التغيير، قدم الحسيني مقترحًا يعتمد على نظرية الاقتصاد السلوكي، مشيرًا إلى ضرورة توظيف أدوات السياسة الاقتصادية بشكل أفضل. ودعا إلى تحشيد القوى المؤثرة في المجتمع لتشجيع المستهلكين على عدم شراء السلع المستوردة، باستثناء السلع الضرورية.

وجاءت في الورشة:
"بعد أن تسببت تبعات الحروب والحظر الاقتصادي في العقود الأخيرة بإضعاف القدرة التنافسية الدولية للقطاعات الانتاجية في العراق، خرجت هذه القطاعات، بعد 2003، لتواجه قرار الانفتاح التجاري المنفلت على مختلف الأسواق العالمية، فضلاً عن عدد من القرارات النقدية والمالية التي عملت على تعزيز هذا الضعف وتعميقه، فكانت النتيجة الحتمية لهذا القرار هي اصابة هذه القطاعات بالشلل شبه التام.

بحسب قواعد علم الاقتصاد يكون حل هذه المشكلة عبر توظيف أدوات السياسة الاقتصادية المناسبة، باعتماد حزمة من السياسات التجارية والمالية والنقدية، وما تتطلبه من تشريعات قانونية، واجراءات تنفيذية اصلاحية، ضمن استراتيجية اقتصادية علمية واضحة المعالم، تبدأ من نظام التعليم (تعزيز الانتاجية)، وتنتهي بخلق بيئة ملائمة للاستثمار (تخفيف الأعباء عن المستثمرين)، وفقاً للمعايير الدولية الموضوعة لهذا الغرض. لكن إعراض الجهات المعنية عن تبني مثل هذه الحلول، وما تسبب عنه من تفاقم حجم المشكلة وتعميقها، أصبح من الضروري البحث عن حلول غير تقليدية.

من هنا يأتي الحل المقترح كمحاولة لاستخدام سلطة المستهلك في مواجهة العوامل المختلفة التي أدت إلى إضعاف تلك القدرة التنافسية، وذلك من خلال تحشيد القوى المؤثرة بالمجتمع لحث المستهلكين على الامتناع الجماعي عن شراء جميع السلع المستوردة، باستثناء الضرورية منها التي يتعذر انتاجها محلياً.

من الناحية العلمية يستند المقترح على النظرية الاقتصادية السلوكية Behavioral Economics، التي تعمد إلى معالجة انحراف الواقع عن الافتراضات التجريدية التي تعتمدها النظرية الاقتصادية التقليدية في تفسير السلوك الاقتصادي للأفراد، وذلك من خلال دمج افتراضات واقعية نفسية في تحليل عملية صنع القرار الاقتصادي. لذا فهي تختلف مع النظرية الاقتصادية التقليدية في أن الفرد ليس بالضرورة أن يكون رشيداً في اختياره دائماً، والقرارات الاقتصادية التي يتخذها الأفراد ليست صائبة على الدوام، بل يمكن أن يتخذ الأفراد قرارات سيّئة إلى حدّ ما، قرارات ما كانوا ليتخذوها لو أنهم أولو انتباهاً تاماً، وكانوا يمتلكون معلومات كاملة، وقدرات إدراكية غير محدودة، وسيطرة تامّة على النفس. ولغرض تصويب قرارات الأفراد تذهب النظرية إلى ضرورة إجراء نمط من هندسة الخياراتChoice Architecture ، دون الحد جذرياً من حريتهم في الاختيار، فهو يندرج ضمن إطار ما يعرف بـ "الأبوية التحررية libertarian Paternalists"، ويتم ذلك عن طريق قيام طرف مؤهل (منظمات عامة أو خاصة) بتسهيل مهمة الناس في التوصل للخيار الأصلح، لتحسين وضعهم، سواءً العام أو الخاص، مع الحفاظ على حريتهم الكاملة في الاختيار.
"

من جانبه، أكد عميد كلية العلوم الإسلامية الدكتور طلال الكمالي على أهمية النقاش البناء حول هذه القضايا الحيوية، وشجع الحضور على المشاركة الفعّالة في ورش العمل المستقبلية.

تأتي هذه الورشة في سياق جهود الجامعة لتعزيز التفاعل بين الخبراء والمجتمع المحلي للعمل سوياً نحو تحقيق الإصلاحات الاقتصادية التي تساهم في تعزيز التنمية المستدامة في العراق.