کلمة عميد كلية العلوم السلامية الدكتور طلال الكمالي في افتتاحية مؤتمر الاسلام حياة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم.
والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين الى قيام يوم الدين.
الحضورُ المباركُ السادةُ الأكارمُ مع حفظِ الالقابِ والصفاتِ
السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه... حياكُمُ اللهُ وبَيّاكُم، حَللتُم أَهلًا ونزلتُم سهلًا.
ابتداء أقول: أعظم الله لكم الاجر والثواب بذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام وتزامن ذكرى وفاة النبي الاكرم صلى الله عليه
السادة الفضلاء: حرصتْ كليةُ العلومِ الاسلاميةِ في جامعةُ وارثِ الأنبياءِ(ع) التي تَسْتَقي قِوامَ تَطلُّعاتِها التي توَّجَتْها بواقعٍ وَّضاءٍ من رُكْنِها الساندِ العتيقِ العتبةِ الحسينيةِ المقدسةِ، فقد وُلِدتْ من رَحِمِ هذه المؤسسةِ الأصيلةِ بما تحملُهُ من قِيَمٍ ومبادئٍ ومناهجَ وسياقاتٍ للاستمرارِ في إقامة مؤتَمَرِها الدُولي (الاسلام حياة) وها هي اليومَ تُقيمُهُ موسومًا بشعارِ (حقوقُ الانسانِ والتحدياتُ المعاصرةُ).
وللمؤتمرِ شأنُهُ الإبداعيُّ في تَنظيمِ فعّاليّتِهِ على وفقِ المتطلباتِ المجتمعيةِ المعاصرةِ على المستويينِ العلميِّ والعالميِّ في ضوءِ قِيمِ الاسلامِ ومبادئِهِ..... للإيمان بأنَّ الاسلامَ هو منهاجُ حياةٍ ودستورُ الإنسانيةِ..... كلُّ ذلكَ كانَ منطلقًا لمعالجةِ ملفِ حقوقِ الإنسانِ وما يواجهُهُ من تحدياتٍ كبيرةٍ على المستوياتِ كافَّةٍ بما تُوصِلُهُ هذهِ التحدياتِ إلى درجةِ الإزدواجيةِ في تلكِ الحقوقِ..... وسطَ صمتٍ كأنَّهُ صمتٌ ممنهجٌ مدروسٌ يسعى إلى تخريبِ الفطرةِ الإنسانيةِ السليمةِ، والانقلابِ على المنطقِ، والتحايُلِ على العقلِ، واستقطابِ العاطفةِ، لاستدراج النفوس إلى مخطَّطِها المَقيْتِ.
لذا فَبذُلُ الجهدِ أصبحَ ضرورةً لا يمكنُ غَضُ الطَرفِ عنها؛ لأنَّ التحدياتِ لا تقفُ عندَ حدٍّ محدودٍ، ولا هدفٍ محصورٍ، بلْ هي تيارٌ معاكسٌ يَسعى إلى تهديمِ كلِّ ما يقودُ إلى المصالحةِ الاجتماعيةِ وتواشجِها..... المصالحةُ التي تُخْرِجُ المجتمعَ من واقعِ التضليلِ والتزييفِ..... مصالحة تقتضي أن تكون مع الإنسان نفسه قبل أن تكون مع حقوقه، ومما يؤسف أن هذا التيَّار يسعى ليجرنا إلى الواقعِ الذي نَستطيعُ وصفَهُ بما أنْذرَ اللهُ بهِ، في قوله تعالى {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}النساء: 119، فهذا عملُ الشيطانِ وعملَ كل منْ انساق مع ركبه..... الذي يُمثلُ التيارَ المعاكسَ تيارَ الخرابِ واستغلالِ الناسِ واستعبادِهم في ثلاثِ خُطواتٍ شيطانيَّةٍ ممنهجة هي (الإضلالُ والتمنِّي) وبعدَ ذلكَ تأتي خُطوتُه الاستغلاليّةُ وهي الأمر على نسق منهجه وسياقه، الذي يطمحُ لهُ ليكونَ مسيطرًا به يُمْلِي على أتباعِهِ من الانحلالِ والتميُّعِ والشذوذِ، وإضاعةِ الأخلاقِ، وعدمِ حرصِهِم على بناءِ الحياةِ القيِّمةِ، بعدَ إضاعَتِهِم مقوماتِ بناءِ الشخصيةِ الإنسانية.... التي تُبْنى على الكرامةِ والترابطِ الاجتماعِي واحترام الفكر النيِّرِ، هذه المقوِّماتِ التي تجرُّهم إلى طريقِ النجاةِ والسعادةِ والتحرُّرِ لتخلِّصَهُ من الذاتِ والأنا بتركِ خُطواتِ الشيطانِ وخطوات منْ انتهج منهجه وعمل بسياقه، وانساق بركبه وركب سفينته.
سادتي الحضور في ضوء ذلك فالضرورةُ قائمةٌ في هذا المؤتمرِ على وجودِ مصالحةٍ حقيقةٍ وفاعلةٍ بَيْنَ القوانينِ والأنظمةِ... وتَطبيقِها بما يَضْمَنُ حِفْظَ كرامةِ الإنسانِ وإشعارهِ بأنَّه الكيانُ الذي يوازنُ به بَيْنَ مجالِ حريةِ الفعلِ وقيودِها..... ومجالِ فروضِ التربية وأحكامِها، ..... فحقوق الإنسان كما هي محفوظةٌ على الورق وفي التشريعات والسنن والمواثيق..... لابُدَ من أنْ يكونَ لها راعٍ يحقِقُ مجالَ التوازنِ بَيْنَ حُريةِ الفعلِ وفرض أحكامِ التربيةِ ومتطلباتِ تطبيقِها إجرائياً على أرض الواقع وفي أي ظرف زمانيا كان أم مكاني.
وبما نَسعَى إليه من تَفعيلِ حقوقِ الإنسان وتحقيقِها بشعار (حقوقُ الانسانِ والتحدياتُ المعاصرةِ) عِبرَ محاورَ المؤتمرِ في الدراساتِ القرآنيةِ والسنَّةِ الشريفَةِ والفكرِ الإسلاميِّ.... والدراساتِ الفلسفيةِ، وحقوقِ الإنسانِ في المواثيقِ الدُوليةِ وحُقوقِهِ في المجالِ الاقتصادي والسياسِي والقانونِي فضلًا على المجالِ الاجتماعِيّ والثقافِي.
فقدْ كانتِ البحوثُ المقدمةُ للمؤتمرِ بكَمِّها وعدَدِها تَنُمُّ عن تفاعلِ النفوسِ الطيبةِ ذاتِ الصبغةِ العلميةِ وتُشِحذُ هِمَمِها في إيجادِ حلِّ المشكِلَةِ وإثباتِ هُويَّةِ الإنسانِ للعيشِ بحريةٍ متوازنةٍ مسعاها تعزيز حقوقه، فقدْ كانتِ البحوثُ المقدَّمةِ (مئةً وواحداً وثلاثينَ) بحثاً، وبعدَ التَقييمِ العلميَّ ودِقَّةِ المراجعةِ العلميةِ منْ لدنِ المقومينَ العلميِّينَ اعتُذِرَ عن (أربعينَ) بحثًا، لمُسوِّغاتِ المقوِّماتِ العلميَّةِ لقبولِ البحثِ أو رفضِهِ، فكانتْ حصيلَةُ البحوثِ المقبولَةِ (واحداً وتسعينَ) بحثاً.
والحق أيها السادة الحضور ينبغي ألا تخلُو كلمتُنا بما نُقرُّ به لأهلِ الشأنِ من الشكرِ والعِرفانِ لِمنْ دَعمَ إحياء هذا المؤتمرِ بالمشاركةِ والمساندةِ والتأييدِ، متمثلًا بكُبرياتِ الإشارةِ الى عنوانِ الوطنِ من دولِ أفريقيا الشمالية وأسيا واوربا (مصرَ وليبيا وتونسَ والجزائرِ والمغربِ ولبنانَ وإيرانَ وتركيا والمانيا).
وكلُّ الإجلالِ والإكبارِ والشكرِ والتقديرِ للجِهةِ الراعيةِ التي تُمثلها العتبةُ الحسينيةُ المقدَّسةِ لاحتضانِها فعالياتِ المؤتمرِ واقامتِهِ، وأخُصُّ بالذكرِ سماحةُ المتوليِّ الشرعيِّ للعتبةِ الحسينيةِ المقدَّسةِ (الشيخَ عبدَ المهدي الكربلائيُّ) والأمينَ العامَّ الأستاذ حسن رشيد العبايجي وبقيةَ المسؤولينَ فضلًا على رعاية رئاسةِ جامعةِ وارثِ الأنبياء(ع) رئيسا ومساعدين وعمداء وبقية الكوادر أدام الله توفيقاتهم جميعا.
وكلُّ الإجلالِ والإكبارِ والشكرِ والتقديرِ للجِّهاتِ الساندةِ لِمَا قدَّمَتهُ من تفاعلٍ وتبادلٍ في الخِبراتِ والمجالاتِ العلميةِ والتنظيميةِ والتوجيهيةِ بقاماتها ذات الشأن الرفيع ومقاماتها.
والحالُ نفسهُ من الشكرِ والتقديرِ مقدَّمًا إلى الجامعاتِ المُشرِفَةِ التي قوَّمتْ صورةَ المؤتَمَرِ وزادتُهُ أهميِةً وواقعيَّةً بانْظِمامِها إليه لِمَا يُمثله هذا الانضمامُ من الإقرار الحقيقي لتحقيقِ أهدافِ المؤتمرِ من التركيزِ على حقوقِ الإنسانِ، وتفعيلِ عملِ منظماتِ المجتمعِ المدنِيّ، والموازنةِ بَيْنَ القوانينِ، والتصدِّي لازدواجيةِ التعاملِ مع مَلفِّ حقوقِ الإنسانِ ورِعايةِ هذهِ القوانينِ... رعايةً حقيقةً قائمةً على عمليَّةِ الممازجَةِ بَيْنَ التنظيرِ والتطبيقِ.
وكذا الشكرُ والتقديرُ موصولٌ إلى الضيوف الكرام كافة الذين اضافوا بحضورهم للمؤتمر نجاحا وتألقا، والشكر موصول أيضا للَّجنةِ العلميةِ والتحضيريةِ والعلاقاتِ والاعلام من رؤساءَ وأعضاءٍ؛ لأحيائهم هذا المؤتمرِ والعمل على إنجاحِهِ سائلا المولى سبحانه وتعالى أنْ يوفق الجميع لخدمة الدين والانسان والوطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه